الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة أمتع جمهور بوقرنين: لطفي العبدلّي يفضح "المسكوت عنه" ويتلقّى مفاجأة لم تكن في الحسبان

نشر في  12 أوت 2017  (13:37)

كدأبها الذي لم ينقطع مع عمالقة الفنّ والمسرح، حضرت جماهير مهرجان بوقرنين الدولي ليلة الجمعة 11 أوت 2017 زرافاتٍ ووحدانا لمواكبة العرض المسرحي رقم 1 في تونس “Made in Tunisia” للنجم الكوميدي لطفي العبدلّي.

الجماهير التي غصّ بها مسرح الهواء الطّلق بمدينة الجبل والبحر يبدو أنّها تروم وبشدّة إعادة متابعة تفاصيل مسرحيّة العبدلّي رغم أنّها ظلّت جامدة ولم تشهد تغيُّرا أو تطوُّرا على مستوى البنية النصيّة وجوهر السيناريو المُصاغ، وقد تمكّن صاحب «الوان مان شو» من تحقيق نجاحٍ جماهيري جديد يُضاف إلى سجلّه الفنّي الحافل في آخر موسم لهُ مع ذات الإنتاج بعد مرور حوالي 09 سنوات منذ تاريخ تقديمه على أركاح المسارح المحليّة والدوليّة.

لطفي العبدلّي، مرتديًا بدلتهُ السوداء التي تنسجم أيّما إنسجام مع الكوميديا الساخرة التي يحاول من خلالها تعرية الواقع التونسي من وجهة نظرهِ وبسطهِ بطريقة لا تخلو من الضحك والإستهزاء، إعتلى خشبة المسرح قبل الموعد المحدّد بعشرِ دقائق وسط صخب الجماهير التي كانت تردّد "يا لطفي..

يا لطفي" كتعبيرٍ منها لمَا إكتسبهُ العبدلّي من شهرة واسعة وتقديرها العميق لعملهِ الذهبي الذي لم يصدأ رغم مرور الزمن، وقد تفاعل نجمها السّاطع دون تأخُّر مُعربًا عن سعادتهِ البالغة عند كلّ وقوفٍ أمام جمهور بوقرنين قائلًا، "أوّل مرّة في حياتي نهبط للركح قبل بدرجين".

“Made in Tunisia” عملٌ كوميدي بالأساس، يتناولُ وفق منهجيّة خاصّة ومختلفة قضايا التونسي ومشاغلهُ المسكوت عنها والتي يصنّفها الرأي العام في خانة "المواضيع المحرّمة"، ويتوغّل من خلالهِ متقمّص الدّور في ثنايا الممنوعات ليفضحَ حقيقةً ولو نسبيّة ما يختلج بالَ المواطن من سلوكاتهِ المرتبطة بالتعامل مع الطرف الآخر وصولًا إلى عاداته وتقاليده وعلاقاتهِ الجنسيّة فيها من الطرح الجريئ والمكسّر لكلّ الحواجز الشيء الكثير.

لطفي العبدلّي حرّك المشاعر الدفينة لمئات المتفرّجين الذين إختلطت فئاتهم من الصغير إلى الكبير ومن الذكر إلى الأنثى، حتّى وصل به الحدّ إلى الإنخراط في التواصل معهم في مسائل حسّاسة تمسّ غرائز اللذّة الجنسيّة وتنتهكُ ما يستحي المجتمع الخوض فيه، كما عرّج أيضًا على الحالة السياسيّة التي شهدتها البلاد منذ تاريخ إندلاع الثورة متوجّهًا بسهام نقدهِ اللّاذع والشرس إلى المنظومة الحديثة بمختلف حساسيّاتها بلَا إستثناء.

تكلّم "ملك ملوك الكوميديا" كما شاءَ أحد الجماهير أن ينعتهُ، دون مُوارَبة، ولَا شكّ أنّ سرّ نجاح عرضهِ يكمنُ في نفض الغبار عن "المحظور المرغوب" ... أمتع الجمهور، تفاعل معهُ، وأبرز مدى عشقهِ لمدينة العراقة والتاريخ، ليتختتمَ السهرة الحدث بمفاجأة لم تكن في الحسبان، حيثُ قدّم شابّ من أبناء حمّام الأنف على كرسيّه المتحرّك هديّة لا تقدّر بثمن تمثّلت في لوحة فنيّة في منتهى الجمال والإتقان تحاكي وجه لطفي العبدلّي وتجسّد إبتسامتهُ التي لا تغيب، حركة رمزيّة رائعة تعكسُ حجم الشعبيّة التي كسبها العبدلّي وهوَ الذي أكّد أنّهُ يستمدّ تألُّقهُ وبلوغه ذؤابة المجد من تشجيعات جمهورهِ وتقييمات النقّاد والصّحافيّين التي يقبلها بواسع الصّدر.

هوامش:

 

*مسرحية لطفي العبدلّي عُرضت أمام شبابيك مغلقة، وقد إمتلأت مقاعد مسرح بوقرنين بما يقارب 2500 متفرّج.

*لاحظنا قبيل إنطلاق العرض تنظيمًا مُحكما من الماسكين بزمام فعاليّات المهرجان، بشهادة نماذج من المتابعين الذين أثنوا على حرفيّة التعامل قبل وبعد إنتهاء السهرة.

*لطفي العبدلّي صعد على العتبة قبل الموعد المحدّد وهو أمر لم نألفهُ في عموم مهرجاناتنا وفنّانينا، الذين إعتادوا تقديم عروضهم بتأخُّرٍ لبعض الوقت.

ماهر العوني